التكبّر الأخلاق في القرآن
صفة تسلب الفضائل وتكسب الرذائل وتجلب المقت
التكبّر الأخلاق في القرآن
التكبر هو شعور بالتشامخ يتم إظهاره بطريقة متغطرسة أو بادعاءات وقحة أو بسلوك متعجرف،
وان من حسن الخلق أن يتصف الانسان بالتواضع هذا المفهوم الذي حثت عليه الديانات السماوية الثلاث،
بالاضافة الى الديانات الوضعية من مثل الهندوسية والكنفوشية والبوذية، وما ذلك الا لأن هذه الصفة تحب الناس بصاحبها وتجعله مثلا يقتدى به، قال تعالى: «ولا تمش في الارض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا» (الإسراء: 37)،
وقال أيضا: «واقصد في مشيك واغض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير» (لقمان: 19)
، إن التكبّر والغطرسة سبب كل الشرور وهذه الصفات هي صفات غير مبررة، ومن الأدب ان نتحاشاها حتى لا ينفر الناس منها ولكي يكون هناك نوع من الالفة بيننا وبين الآخرين اثناء تعاملنا معهم
.
واذا أمعنا النظر في الامر الالهي بالابتعاد عن الكبر والغطرسة نجد ان الله قد امرنا بذلك حرصا منه تعالى على سيادة المحبة والاطمئنان بين الناس، الامر الذي يحقق سعادة الجميع..
نسأل الله ان يبعدنا عن هذه الصفات المكروهة، وان يعطينا العون للالتزام بأوامره بل والتخلي عن الكبر والاعجاب لأنهما يسلبان الفضائل ويكسبان الرذائل وليس لمن استوليا عليه اصغاء لنصح، ولا قبول لتأديب لأن الكبر يكون بالمنزلة والعجب يكون بالفضيلة، فالمتكبر يبجل نفسه عن رتبة المتعلمين، والمعجب يستكثر فضله على استزادة المتأدبين،
ولذلك وجب تقديم القول فيهما بإبانة ما يكسبانه من ذم ويوجبانه من لوم، ولا بد من القول ان التكبر والكبر والاستكبار تتقارب في المعنى، حيث نجد ان الكبر هو الحالة التي يتخصص بها الانسان من اعجابه بنفسه، وذلك ان يرى الانسان اكبر من غيره واعظم.
في الحقيقة عندما امر الله بالابتعاد عن الكبر لأنه يكسب صاحبه المقت وينهى عن التآلف ويوغر صدور الاخوان وحسبك بذلك سوءا عن استقصاء ذمه، ولذلك قال الرسول، صلى الله عليه وسلم لعمه العباس: «أنهاك عن الشرك بالله والكبر فإن الله يحتجب منهما».
وحُكي ان مطرف بن الشخير نظر الى المهلب بن ابي صفرة وعليه حلة يستحبها ويمشي الخيلاء فقال: يا ابا عبدالله ما هذه المشية التي يبغضها الله ورسوله؟ فقال المهلب: اما تعرفني؟ فقال: بلى اعرفك: اولك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة وحشوك فيما بين ذلك بول وعذرة، المذرة: الكريهة الرائحة الفاسدة يقال مذرت البيضة اي فسدت وكرهت رائحتها، عذرة: غائط، هذا هو الانسان، فلم الكبر والاعجاب!
واذا كنا نعرف ان الكبر يولد البغض ويحرك الحقد ويؤج نار البغض والحقد فلم يستمر البعض في هذا السلوك؟
سلوك يخفي المحاسن ويظهر المساوئ ويكسب المذام ويصد عن الفضائل لا يمكن ان يوصف هذا الا بالحمق والجهل ولمن يتكبر ويستكبر نقول هل سمع رأي الاحنف بن قيس ماذا يقول: «عجبت لمن جرى في مجرى البول مرتين، كيف يتكبر؟».
تحياتي